
في ناس تحب المسلسلات، لكن في ناس حياتها صارت مسلسل من كثر ما هي مدمنة على الدراما! ممكن تعتقد إن الدراما شيء نشوفه على الشاشة فقط، لكن الحقيقة إن كثير من الناس عندهم إدمان خفي للدراما في حياتهم اليومية وهم ما بينتبهوا.
كل يوم يستيقظون الصبح، يبحثون عن مشكلة، يركزون على شخص غلط بحقهم، أو يتذكرون موقف قديم وجعلوه مركز يومهم. هوس البحث عن الأحداث المثيرة والمشاعر المتوترة صار عادة منتشرة، خصوصاً في زمن السوشيال ميديا، حيث كل شيء مبني على الأخبار السلبية، الصراعات، والتعليقات النارية.
لكن السؤال هو: ليه الإنسان يدمن الدراما؟ وهل في تفسير علمي لهالشيء؟
علم النفس العصبي يقول إن جسمك يفرز مواد كيميائية معينة وقت التوتر والغضب مثل الأدرينالين والكورتيزول. المشكلة إن بعض الناس تحولت عندهم هذه المواد إلى عادة بيولوجية، صارت عقولهم وأجسادهم تطلب جرعة توتر يومية كأنها قهوة الصباح.
لما يمر يوم بدون مشاكل، يشعر الشخص بملل أو قلق، فيبدأ عقله يخلق سيناريوهات درامية: ممكن يدخل في جدال بسيط مع شخص ويحوله لمعركة، أو يفسر نظرة عابرة من زميله في العمل كأنها إهانة شخصية، أو حتى يتخيل مؤامرات حواليه عشان يشعر إنه مركز الاهتمام.
ولما يوصل الليل، يرجع يقلب الأحداث في راسه ويعيش نفس المشهد 20 مرة. هذا اسمه في علم الأعصاب: “إدمان الكيمياء السلبية”. يعني مش بس عادة ذهنية، بل جسمك حرفياً متعلق بهذه الحالة.
فيه ناس تحولت حياتهم بالكامل إلى ساحة صراع مع أنفسهم ومع الآخرين لأنهم ببساطة مش قادرين يعيشوا يوم طبيعي بدون شوية توتر أو وجع راس. صاروا يحبوا دور الضحية، لأن هذا الدور بيعطيهم شعور بالاهتمام. لما تقول “شوفوا شو صارلي”، أو “أنا دائماً مظلوم”، عقلك يبرمجك على البقاء في نفس الحلقة المغلقة. هذا نوع من التحكم غير الواعي بحياتك، وكأنك كاتب سيناريو لفيلم حياتك بس حابس نفسك في مشهد واحد!
كيف تتخلص من إدمان الدراما؟
الخطوة الأولى: الاعتراف إنك ممكن تكون مدمن دراما. الاعتراف مو ضعف، بل بداية العلاج.
الخطوة الثانية: راقب يومك. كم مرة تركز على مشكلة تافهة وتعطيها أكبر من حجمها؟ كم مرة تخلق سيناريو سلبي في بالك ما صار أصلاً؟
الخطوة الثالثة: تدرب على السكوت وعدم الرد في أوقات معينة. لو صار موقف بسيط، جرب تتجاهله بدل ما تعطيه 3 ساعات من التفكير.
فيه تمارين اسمها “تمارين نزع الدراما من الحياة”. مثلاً جرب تعيش يوم كامل بدون ما تشتكي. يوم بدون تعليقات سلبية. يوم بدون تحليلات عن قصد الناس تجاهك. راقب الفرق. عقلك راح يحاول يهرب ويبحث عن إثارة. لكن مع الوقت، راح تلاحظ إن يومك صار أخف وأسهل.
الخلاصة:
لازم تسأل نفسك: أنت بتمثل في مسلسل حياتك دور الضحية ولا دور الشخص اللي يتحكم في المشهد؟ هل أنت بطل درامي ولا كاتب سيناريو جديد لحياة خالية من الصراعات المفتعلة؟ تذكر، مو كل إثارة مفيدة. أحياناً أعظم مخاطرة إبداعية هي إنك تختار تعيش ببساطة… بدون مشهد إضافي، وبدون حلقة زيادة.