بداية القصة:”إحنا طلعنا رجال لأنهم ضربونا… جيل اليوم مدلّع زيادة!”

هالجملة تسمعها بكل جلسة عائلية تقريبًا، فيه ناس لليوم مقتنعين إن الضرب وسيلة تربية فعّالة، ويشوفوا إنه الجيل الحالي ضعيف لأنه ما تعرّض للقسوة اللي هم عاشوها، لكن هل هذا الكلام صحيح فعلًا؟ ولا إحنا ضحية تكرار لنفس الأخطاء القديمة؟

🔥 ليه كانوا يضربونا زمان؟

لو رجعنا للماضي، بنلاقي إنه أغلب الأهالي كانوا يضربوا أولادهم بدون حتى ما يسألوا أنفسهم:
“هل هذا الشي صح؟ هل له بديل؟”

السبب مش لأنهم كانوا قُساة بطبيعتهم، بل لأنهم ما كانوا يعرفوا طريقة ثانية.

الوعي التربوي ما كان موجود، والكتب والمحاضرات والمصادر كانت شبه معدومة، كانوا يعتقدوا إن الضرب هو الطريقة الوحيدة لتربية طفل مؤدب ومحترم.

إضافة إلى ذلك، الأهالي زمان كانوا يكرروا نفس الطريقة اللي تربوا عليها. يعني اللي انضرب وهو صغير، طبيعي يضرب أولاده لأنه ببساطة “هيك تعوّد”.

💔 هل الضرب فعلاً ينفع؟

الضرب يمكن يعطي نتيجة سريعة، الطفل راح يسكت، يمكن يتوقف عن الخطأ للحظة، لكن داخله يصير فيه شي خطير:

الطفل يبدأ يطيعك من باب الخوف، مش من باب الفهم.

يبدأ يتعلم الكذب عشان يهرب من العقاب، يحس إنه “إنسان سيء”، فتنهز ثقته بنفسه.

والأخطر أغلب الأطفال اللي ينضربوا يتعلموا إن العنف هو وسيلة حل المشكلاتفيصير يضرب أخوه الأصغر، أو زميله في المدرسة، لأنه ببساطة هذي اللغة اللي تعلمها.

🧠 ماذا يقول العلم الحديث؟
اليوم، الدراسات النفسية واضحة وصريحة:
الضرب يترك أثر طويل المدى، الأطفال اللي يتعرضوا للضرب أكثر عرضة للقلق، والاكتئاب، ونوبات الغضب، وصعوبات التعلم.

وفيه دراسة أمريكية ضخمة شملت أكثر من 160 ألف طفل، أكدت إن الأطفال اللي تربوا بالضرب عندهم مشاكل أكبر في الحياة الاجتماعية، وأقل قدرة على التحكم في انفعالاتهم.

🤔 طيب ليه في ناس يقولوا: “طلعنا رجال رغم الضرب”؟
الحقيقة مش كل شخص انضرب وهو صغير “طلع سليم”، حتى لو بيقول عن نفسه هيك.

في كثير ناس كبار اليوم عندهم مشاكل بالثقة بالنفس، أو يعانوا من قلق داخلي، أو عندهم صعوبة في التعبير عن رأيهم… بس هم ما يعرفوا يربطوا هالمشاكل بالطفولة.

بعضهم فعلاً كبر وهو شايل جراح نفسية لليوم، لكنه يخبّيها تحت عبارة “الحياة قاسية ولازم نكون قساة”.

👶 طيب جيل اليوم… هل هو مدلّع؟

البعض يعتقد إن الطفل اللي ما ينضرب رح يطلع ضعيف الشخصية، لكن التربية الحديثة مش معناها “التدليل” ولا “اللامبالاة”.

التربية الصحيحة تعني إنك تعلّم الطفل الفرق بين الصح والغلط، توضح له حدود الحرية، وتعلمه يتحمل مسؤولية تصرفاته، لكن بدون ما تكسّر شخصيته أو تهينه.

الطفل اللي تربّى على الحوار، راح يفهم ليه لازم يتصرّف بطريقة معيّنة.
الطفل اللي تربّى بالخوف… راح ينفّذ الأوامر وهو مكمّم مشاعره، إلى أن ينفجر يوم من الأيام.

🛠️ كيف أربي أولادي بدون ضرب؟

إذا أنت أب أو أم، طبيعي تمر بلحظات فقدان أعصاب، لكن في لحظة الغضب… حاول توقف وتتنفس.

فيه طرق ثانية أكثر تأثيرًا من الضرب:

اجلس مع طفلك ووضح له ليه التصرف غلط، اربط العقاب بالتصرف، مو بس تعاقبه عشوائي، علمه يتحمّل نتائج أفعاله، لو كسر لعبة، ما تشتري له وحدة ثانية فورًا، لو غلط، خلي عنده فرصة يصلّح خطأه.

التربية مش سهلة، وخصوصًا اليوم مع ضغوط الحياة، لكن لما تعطي ابنك بيئة آمنة يتعلّم فيها، رح تصنع منه شخص سوي وواثق من نفسه.

🎯 خلاصة الكلام:
زمان كانت التربية تقوم على الخوف، اليوم صارت تقوم على الفهم، جيل اليوم مو ضعيف… جيل اليوم مختلف.

والتربية مو إنها “ننسخ الماضي”، بل “نتعلّم منه”.

اسأل نفسك دايمًا:
“هل أريد من طفلي يطيعني لأنه خايف مني؟ ولا لأنه فعلاً فاهم ويثق فيني؟”